Saturday, August 24, 2013

انا مش حيادي - انا ضد الاتنين


ناس بيقولوا علي اللي حصل في ٢٥ يناير ٢٠١١ انه كان مؤامرة دنيئة علي مصر وجزء من مخطط دولي خبيث علي المنطقة بشعوبها بجيوشها
وناس بيقولوا علي اللي حصل في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ انه انقلاب عسكري وانقضاض علي ارادة الشعب وارتداد مشين علي اعظم حدث في تاريخ مصر علي مدار عقود وعصور.

ناس بيقولوا مبارك طلع من السجن لان القانون اخد مجراه
وناس بيقولوا خروجه معناه نجاح الثورة المضادة.

ناس بيقولوا مرسي لازم يتحاكم ثورياً وياخد اشد العقوبات
وناس بيقولوا التحفظ عليه اصلاً ضد الشرعية وضد القانون.

ناس بيقولوا الثورة الحقيقية هي فقط ماحدث مؤخراً للاطاحة بحكم الطائفيين
وناس بيقولوا الثورة هي بس اللي حصلت من سنتين.

وده كله، مع ان في المرتين اعداد مهولة من المصريين نزلوا الشارع لاسقاط نظام فاسد وفاشل، علي رأسه شخص تسبب بالفعل او بالامتناع عن الفعل، في مصائب وكوارث عانا منها الشعب المصري، اهمها اهدار ارواح المواطنين. وبغض النظر عن مين نزل في المرة الاولي، وحصل فيها ايه، وقعدت اد ايه، ومين نزل في المرة التانية، وماحصلش فيها ايه، وخلصت بدري ليه، في المرتين الشعب انتفض علشان يخلص من الحاكم الفاشل، وفي المرتين الجيش اللي ماكانش راضي عن النظام بدرجات متفاوتة ولاسباب مختلفة هو اللي اعلن انتهاء الفعاليات الثورية، واعلن نجاحها بازاحة هذا الحاكم، وتسلم السلطة منه، ورسم خريطة الطريق، واختار الفصيل اللي حيشاركه المرحلة، واستخدم ما يسمي بعنف الدولة المشروع لاخضاع من يعارضوه، وحصد بذلك تهليل وانكار ونفاق الفصيل المختار.

هي "دي" الحقيقة الموضوعية الوحيدة - المجردة من كل انواع التملق والمزايدة والتفلسف والهتاف اللاإرادي.

وده باختصار معناه ان فلول نظام مبارك العائدين علي الساحة بقوة اللي بيقولوا علي ثورة ٢٥ يناير انها كانت غمة نزلت علي مصر وانها كانت ما يسموه بالمؤامرة، فضمنياً وفعلياً هم بذلك بيقروا خيانة قيادات الجيش المصري للوطن (ايوة!). لانها "لو" كانت مؤامرة يبقي الجيش كان طبعاً جزء اصيل منها، وحماها وساهم فيها، واختار التيار الطائفي شريك اساسي فيها، وسلمهم البلد وسابهم يعملوا اللي عملوه فيها. واللي حيقول قيادات ٢٠١١ غير قيادات ٢٠١٣ غالباً عمره ما دخل الجيش، ولا تعامل مع حد فيه، لانه مش فاهم ان المنظومة العسكرية المصرية تحكمها عقيدة ثابتة ومنهج راسخ لا يتحولا بتغير الظروف او باحلال قيادتها. (الرحمة والموضوعية ارجوكم - جيش مصر مش قناة المحور يا حضرات).
وده معناه كمان ان فلول نظام الاخوان اللي بيقولوا علي ثورة ٣٠ يونيو انها انقلاب عسكري، بيقروا بذلك بالتبعية المباشرة اشتراكهم في انقلاب ايضاً من سنتين لما هتفوا "واحد اتنين الجيش المصري فين"، ولما ارتضوا ورحبوا بحكم المجلس الاعلي للقوات المسلحة لمدة سنة ونص كاملين، ولما اشتركوا معاهم في ادارة المرحلة الانتقالية، وكانوا اكبر المهللين لهم وانكروا كل ما نسب لهم من تعديات وانتهاكات وتغاضوا عنها جميعاً بمقولات "الجيش مايضربش نار" و"الجيش عماد الوطن" وغيرها من العبارات المماثلة. واللي حيقول ان ثورة ٢٥ يناير دفع الشهداء دمائهم وارواحهم لانجاحها في حين ان ٣٠ يونيو ٢٠١٣ كانت نزهة محددة الموعد الغرض منها التبرير والتصوير، اذكره فقط بكل "الفعاليات الحشدية الاخوانية الموقوتة" علي مدار السنتين الماضيتين اللي الغرض منهم كان فقط اظهار الشعبية - وهو ما دفع القوي الثورية لاطلاق الهتاف الساخر من فصيل الاخوان: "ثورة ثورة حتي العصر". 
مما سبق يتضح ان "فلول نظام مبارك" و"فلول نظام الاخوان" هما فعلياً - ومع اختلاف اشكالهم وهويتهم - زي بعض بالظبط. هما الاتنين بس اللي اماكنهم ومواقفهم بتتغير، من دولتيين، لكنبة، لمعارضة، لثوار - حسب المتغيرات. وهما الاتنين بس اللي فعلياً وضمنياً دايماً رافضين الاعتراف بسقوط اوثنتهم ثورياً، ودايماً عايشين في حالة انكار للواقع الثوري، وبارعين في تزييفه بنظرياتهم وتبريراتهم، ومشككين بذلك في ارادة الشعب اللي بيدعوا انهم من يعبروا عنها. وهما الاتنين بس اللي كل ما الموجة تعليهم وتقربهم من الحكم تأخذهم الجلالة، ويتخلوا فجأة عن آدميتهم، ويتناسوا فجأة كل المبادئ التي كانوا يلصقوا انفسهم بها في مرحلة "النضال" من دين واخلاق ووطنية وانسانية، ويتساقطون في براثن التبرير الفاشي المفاجئ لقمع وقتل "الآخر" علي يد اجهزة الدولة الأمنية.
والغريب في الموضوع هو ان هما الاتنين - مع اختلاف المحطات والاعلاميين والكتاب والهتيفة، واحياناً حتي من ذاتهم (!!) - يتم تسخيرهم بنفس ادوات البروباجاندا الاعلامية الكاذبة الحقيرة "هي هي بالظبط"، التي تهدف الي تخوين وتكفير وشيطنة الآخر، حتي يظل هذا الانشقاق المجتمعي قائم، ويتم بذلك الحفاظ علي استمرارية العراك علي السلطة بين "الدولة الامنية الفاسدة ذات الصبغة العسكرية" و"الدولة الفاشية المستبدة - ايضاً - ذات الصبغة العسكرية". اي انهما لا يمثلان في الحقيقة الا واجهتان لعملة زائفة واحدة، تحول دون الارتقاء بمصر للمقام الذي تستحقه كدولة تحترم كل افرادها وتحافظ علي كرامة كل مواطنيها، وتكفل لهم جميعاً - مع اختلاف توجهاتهم - نفس الحقوق، وتملي عليهم جميعاً - مع اختلاف طبقاتهم - نفس الواجبات. وهو ما لن يحدث ابداً الا بخروج مصر من الدائرة المفرغة الحالية، الي دائرة حكم المصريين المدنيين لانفسهم بانفسهم.
لذلك فانا دائماً وابداً، والي ان نفهم كمجتمع مدني متعلم مثقف واعي (النخبة سابقاً) حقيقة المسئولية التي نحملها علي اعتاقنا تجاه من هم اقل حظ منا من اولاد الوطن، والي ان نتدارك خطورة الواجب الذي يمليه علينا هذا الوطن وعظمة الإرث الذي ينتظره منا ابنائنا، والا ان نتخلص من اخطائنا المتكررة المتلخصة في السماع لذات الاشخاص والسير خلف نفس الاصوات،والي ان نبدأ اخيراً في تنظيم صفوفنا خلف وطنيين محترمين، واعيين وفاهمين، وقادرين علي توظيف مواردنا وامكانياتنا من اجل تشكيل البديل الذي يتعطش الشعب المصري لظهوره - ساظل اكررها ولن امل من تكرارها: انا مش حيادي - انا ضد الاتنين.
وبالنسبة للي بيقولوا ان ده مش وقت الكلام ده خالص، وان الوطن في خطر، وده وقت الوقوف خلف القوات المسلحة فقط، ووقت التصدي للتعصب والارهاب فقط - احب اؤكد لكم ان بما ادعو اليه فاني اسعي فعلياً لانقاذ القوات المسلحة والحفاظ عليها، واني مدرك تماماً لخطر "فقدان مصر", واني ازعم بل واقسم بالله، ان هو ده بعينه وقت الكلام ده، ولو ماتقالش واتسمعش واتفهمش دلوقتي، ودلوقتي حالاً، يبقي مبروك علينا جميعاً الثورة القادمة - وما ادراكم جميعاً ما الثورة القادمة.
ويظل التحرك الايجابي هو الأمل الوحيد!