Saturday, April 12, 2014

جرجرة الجيش

كلنا بنحب مصر. وكلنا بنحب جيش مصر. وكلنا شايلين جميل كل واحد حمي مصر أو حرر مصر او فدي مصر. نقطة.

بس ده مايعنيش إننا نلغي عقولنا، ونصدق ونردد خزعبلات مضحكة، لمجرد ان مصدرها حد من الجيش او اللي بيقولها حد فاكر انه كدة بيدافع عن الجيش. مش ده اللي حيخلي البلد تستقر. ومش ده اللي حيرفع شأن الجيش. بالعكس تماماً علي فكرة.

اللي بيحب مصر وجيش مصر بجد ما يعملش مؤتمر اعلامي يعلن فيه ان جيش مصر اخترع جهاز بيحول الايدز لكفتة، قبل ما يتأكد من صحته ويكشف عليه ويجربه بدل المرة مليون، علشان ما يطلعش شكله وحش ويضحك الناس علينا.
اللي بيحب مصر وجيش مصر بجد ما يشوشش علي البرنامج الناقد الوحيد في التليفزيون المصري، فبدل ما يحمي الجيش وقائده يقوم يطلعه مرعوب من اي معارضة، وأكنه علي راسة بطحة ومضطر يسكت الناس علشان ما يتفضحش.
اللي بيحب مصر وجيش مصر بجد ما يقعدش يردد شعار ايد تبني وايد تحمل السلاح، ويصقف ويطبل مع كل مشروع يتعدي مهام الجيش، وهو مش فاهم ان طول ما الايدتين مش علي السلاح يبقي جنودنا حيفضلوا يموتوا لان قياداتهم مضطرين يشتغلوا مقاولين واصحاب مصانع وسماسرة وتجار.
اللي بيحب مصر وجيش مصر بجد ما يقعدش يدبدب برجليه علي الارض زي العيل اللي شبطان في لعبة وعمال يقول عايزها مالياش دعوة، ويفهم ان اصراره علي جرجرة الجيش لقصر الرئاسة قد يكون له تداعيات خطيرة جداً علي الجيش وعلي البلد.
اللي بيحب مصر وجيش مصر بجد ما يكرهش الناس فيه وما يقرفش الاحرار منه من كتر التطبيل المتواصل، وكأننا نحمي مخلوق هزلي لا يقدر علي مواجهة النقد والمصارحة والمكاشفة بدون حضانة من النفاق والتملق.

ومع كل ذلك، لو حضرتك – يا صديقي المتعلم المثقف – فهمت كلامي علي إنه تشكيك في حبك للبلد والجيش او انتقاص من وطنيتك، فأؤكد لك أن هذا أبعد ما يكون عن حقيقة ما بداخلي، لأني أعلم خير العلم أن القطة أكلت أولادها من حبها لهم، وأن الدبة قتلت صاحبها من ذات الدافع النبيل.

بس خلينا نتفق إن زي ما أنا لا أشكك في نواياك واخلاصك للوطن، فبرضة مش حاقبل ولا حأسكت، لو لقيتك بتحاول تفرض عليا أفكارك من منطلق إني لو ما رددتش ما أعلم أنه هراء، أبقي ما بأحبش بلدي وما بأحبش جيش بلدي. :-))

نشر ببوابة يناير بتاريخ 15 مارس

أندم على منصور وأدعو للسيسي وصوتي لحمدين

بادئ ذي بدء، وقبل الخوض في المعطيات الاساسية للعملية الانتخابات المرتقبة، ومع كل الإحترام لشخصي عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، ودون التقليل من مكانتهم ومواقفهم او التشكيك في قدرتهم علي ادارة شئون وطن بحجم وظروف مصر وشعب مصر، فعلينا جميعاً ان نقتنص دقيقة صمت وتأمل وسط صخب المعركة. علينا ان نفهم ونعي وندرك مصيرنا الحتمي من الآن. وهو اننا سنندب حظنا طويلاً وسننعي كثيراً الفرصة الذهبية التي اهدرناها لاننا لم نتمسك بالمستشار عدلي منصور كرئيساً لمصر لمدة فترة واحدة علي الاقل، لما يتمتع به دون غيره علي الساحة السياسية من توليفة من المميزات التوافقية المطلوبة بل والحاسمة في هذه المرحلة مثل الاتزان والحكمة والتواضع، وما يفتقر اليه من صفات السياسيين والمتسلقين المعهودة مثل النرجسية والافتعال والمزايدة والخطاب الشعبوي الاستعطافي الرنان.
الشعب المصري اليوم اكثر من اي وقت مضي في امس الحاجة لمن يضمد جراحه، ويواسيه في احباطه، ويطمئنه في مخاوفه، ويحفزه علي نبذ الخلافات والكف عن الاستفزاز المتبادل، ويعطيه الامل، ولكن ككل وليس كطوائف متفرقة. لعبة الغالب والمغلوب التي احترفتها الديمقراطيات العريقة لن تأتي في مصرنا الحبيبة الا بالمزيد من الاستقطاب، وهذا ما حذرنا منه مراراً وما كان يجب علينا جميعاً تداركه وتفاديه بشخص هذا العدلي المنصور. ولكن الاحزاب والقوي السياسية اثبتت مرة اخري وبجدارة افتقارها للرؤية السياسية بعيدة المدي، وتألقت كالعادة في لعب دور المنظر المتأقلم الذي لا هدف له سوي البحث عن موقع متميز علي طاولة "الكل في الكل" وتحت قبة اللاشيء. كم تمنينا ان نسمع عن حملة واحدة حقيقية يقودها حزب او جماعة او جمعية سياسية تطالب بقوة وشجاعة باستمرار عدلي منصور في منصبه من خلال ترشحه للانتخابات، ودعوة الجميع للوقوف خلفه، خصوصاً بعد ما اثبته من صفات لم ولن نراها في من تقلدوا او سيتقلدوا هذا المنصب. ولكن كل ما سمعناه كانت عبارات ثناء لا معني لها، وهزيان عن بنود دستورية وتبريرات قانونية هزلية مثلهم، فقط لانهم لا يملكوا شجاعة تغيير التاريخ او الصمود امام الامواج او الظهور لا قدر الله بمظهر من لم يتغني بالزعيم الملهم وحده دون غيره.
من هنا يأتي الندم، ولكن هذا لا يجب ان يمنعنا من نطق كلمة شكر واضحة لهذا الرجل المحترم النزيه الوطني، الذي اخطأ واصاب، ولكنه لم يضع ابداً شخصه قبل الوطن ولم ينجرف لحظة لمنحدر التمحور في الذات، وفهم حدود صلاحياته وامكانياته كمؤقت غير منتخب جيداً فلم يتعداها حتي لا يحدث صدمات وانشقاقات، واختار سلامة الوطن وانحاز ل٣٠ يونيو اكثر من غيره، كالجندي المجهول الذي يضحي بنفسه في الصفوف الاولي حتي لا ينجح العدو في شق صفوفه. بدون تعدي او تنظير، ارجو من السيسي ومن حمدين ومن اي شخص يري في نفسه قائد محتمل لسفينة الوطن ان يدرس شخص هذا القبطان الهادئ الرسين لان عندما تنقلب الموجة سنتمني جميعاً ان ينعم الله علي مصر بقائد في حنكته وثباته.

مع هذا، ومع اقتناع البعض ان قرار السيسي بالترشح للرئاسة هو خطأ في حق نفسه وفي حق المؤسسة العسكرية بل وفي حق ثورة ٣٠ يونيو، وانه سوف يترتب عليه لا محال عواقب جسيمة لشخصه وللجيش المصري ولمصر ككل، ندعو الله صادقين مخلصين ان يجنبنا اياها وان يخيب ظننا في جسارتها، فلا يمكن لعاقل ان يتخيل انه لن يفوز في الانتخابات. الرئيس السيسي قادم لا محال. المعركة محسومة. وليس هذا بالتقليل من شخص او شعبية او جدارة حمدين صباحي، بقدر ما هو قراءة واقعية للعوامل الشتي المؤثرة في نتيجة العملية الانتخابية. وبناءً عليه فعلينا ان نتعامل من الآن مع هذا الواقع. وان نتجاوز مواقفنا الشخصية ونظرتنا الاُحادية للأمور، ونفهم معني ذلك كمواطنين مصريين اولاً واخيراً. السيسي سيصبح رئيس مصر ومن ثم رئيس لكل المصريين، سواء كانوا من محبيه وانصار ترشحه، او حتي من كارهيه واعدائه، او من امثالنا الذين تمنوا ان يظل حامي لأمن وسلامة الوطن – وليس حاكماً له. ومن تلك اللحظة التي ستعلن فيها نتيجة الانتخابات بفوزه، سيصبح الامر مُنتهِي، وسيكون نجاحه من نجاح الوطن ككل، واخفاقه اخفاق يحسب علينا جميعاً. وفي اول وآخر الأمر، ستبقي مصر وسلامة مصر دائماً اهم واغلي من اي رأي او اي وجهة نظر.
فلنبدأ من الآن في دعواتنا للسيسي بالتوفيق والنجاح، ولنفهم من الآن ان دور المعارضة في المرحلة القادمة لا بد ان ينضج عن ما رأيناه الي الآن، وان يرتقي من سياسة الحجارة والتقطيم والتشكيك الي سياسة التوجيه والمساندة بالخبرة والمعلومة والتحذير بلباقة اذا لزم. وكما ان المعارضة لها دور مهم ومطلوب، كذلك الحراك الشعبي والثوري لابد الا ينتهي. ولكن في سياق اكثر نضج واكثر تعقل. الهتاف والرفض لكل ظلم مطلوب ولن يسكته احد ابداً، ولكن لا بد من الكف عن الثورة من اجل الثورة والعناد الابدي الذي لا يدفع ثمنه الا بسطاء هذا الوطن. كاتب هذه الكلمات آخر من يتهم النشطاء والثوار لانه منهم ولكن آن الأوان ان نفهم جميعاً كيف نضع الامور في نصابها الصحيح. كيف نطالب بحق دون الاخلال بكل ما هو قائم. سذاجتنا كتيار هي التي جعلتنا لقمة سهلة في فم الانتهازيين. فلننتهز نحن هذه الفرصة لتقييم ادائنا وإعادة اختيار من نعتبرهم قياداتنا, لاننا اذا لم نفعل فسنظل نلعب لمصلحة اعدائنا الذين احترفوا استغلال اندافعنا.
نعم السيسي يمثل بدون ادني شك الكثير مما ثرنا عليه في ٢٥ يناير وبعض ما ثرنا عليه في ٣٠ يونيو. وهذا ما لا يفهمه انصاره ومريديه. ولكن علينا نحن ان نفهم ايضاً ان السيسي ليس مبارك وليس مرسي. فلننتظر السيسي ان يعرف نفسه. فلنترقب ادائه. والاهم من هذا وذاك فلندعو له بالنجاح، لاننا لا يمكن ابداً ان تتحول ميولنا لعداء لمن يقود الوطن من قبل ان يقوده، وإلا لزم علينا مراجعة انفسنا.

وبالرغم من هذا الندم علي منصور، واليقين من فوز السيسي، فصوتي لحمدين صباحي.
لماذا؟
اولاً – لانه بالرغم من انه يقود معركة خاسرة، يبدو فيها كالمحلل والمشرع اكثر منه كالمنافس، ولكنها فعلياً المعركة الاهم من اجل وطن يكتسب خبرات اساسية ومهارات اضافية في الديمقراطية مع كل انتخابات ومع كل استفتاء. هكذا، وهكذا فقط، وبتكرار التجربة التصويتية، مرة مع الغالب ومرة مع المغلوب، يمكن للمواطن المصري ان يصل في يوم من الايام لتدارك اهمية صوته. مع كل مشاركة يزداد الوعي وتزداد القناعة بان التصويت حق وواجب ومسئولية، واداة فاعلة وحقيقية. حمدين صباحي يرسخ بخوضه هذه المعركة لما هو اهم بكثير من الفوز والخسارة، وهو الوصول للهدف عبر المشاركة، وهذا بالرغم من شبه استحالة فوزه مع وقوف اجهزة الدولة ومؤسساتها واعلامها العام والخاص في خندق السيسي.
حمدين صباحي لم يسلك الطريق السهل الذي سلكه غيره الذين تألقوا في ظاهرة جديدة عالمياً وهي المؤتمرات الانسحابية، والتي برعوا فيها بتبريراتهم البطولية لاخفاء انهزاميتهم. حمدين لم يختار ما حاول البعض ان يقنعوه بيه، وهو ان يترك السيسي بمفرده علي الحلبة حتي يقلل من شرعيته. حمدين اختار الطريق الاصعب. حمدين اختار ان ينافس بشرف وان يضع نفسه بذلك في مرتبة لا ولن يصل اليها غيره من المحتملين والسابقين والمنظرين وابطال الفضائيات، والتي لا تصب مساعيهم في النهاية الا في مصلحة من يسعون لاسقاط المرحلة والعودة لنقطة تلائم تطلعاتهم علي حساب الوطن.
ولذلك فالصوت لحمدين صباحي هو صوت عالي وواضح لشخصه لاصراره علي خوض المعركة الديمقراطية الصعبة بشرف، وصوت عالي وواضح من اجل مستقبل مصر كدولة ديمقراطية.
ثانياً - لان حمدين صباحي هو فعلياً الوحيد الذي لم يغير موقعه، ولم يتراجع، ولم يتردد، وظل علي مدار الثلاث اعوام الماضي ثابت في خندق الثورة بكل موجاتها، ومع حق كل شهدائها، مع ثورة ٢٥ يناير علي الاستبداد والظلم والفساد، ومع ثورة ٣٠ يونيو علي الطائفية والتطرف والارهاب. وبما انه المرشح الوحيد الذي لم يتفوه سواء هو، او اي من انصاره، او اي من مريديه، او اي من مؤيديه، بلفظ “النكسة” او صفة “الانقلاب” علي اي من ثورتينا الطاهرتين، وبما اننا لم نري ولم نسمع ابداً من معسكره وحملته الا خطاب ثوري واعي نظيف يحترم الجميع، ويمجد كل الشهداء ثواراً وجنودٌ وظباط، وبما اننا لم نري في خندقه ابداً وجوه النفاق والتحول والمزايدة الذين نراهم بكثرة في صدارة معسكرات وفي حملات غيره من المرشحين الحاليين والسابقين والمنسحبين، فالصوت لحمدين صباحي هو صوت عالي وواضح لمصر الثورة، وصوت اوضح واعلي ضد كل اعداء الثورة من النظامين السابق والاسبق.
ثالثاً واخيراً – لان كل صوت سيذهب لمرشح غير السيسي سيساعد السيسي في تبني سياسة اكثر اتزاناً عندما يصبح رئيس، وسيرسخ من وعيه وادراكه منذ اول لحظة انه بالرغم من موجة التهليل والترحيب وكم الاصوات التي سيحصدها، ان هناك اصوات مضادة وان هناك اصوات لن يحصدها. الصوت لحمدين صباحي سيساعد السيسي علي عدم تغافل ان من بعد ٢٥ يناير وبفضل شهداء الحرية وتضحيات ابطال التحرير، اصبحنا شعب يمتلك صوته وبالتبعية جزء كبير من قراره، شعب ينتظر ويتوقع ويستحق، ولم نعد شعب يعطي باكمله شيك علي بياض، ويرضي بما يراه الحاكم الاوحد صاحب الامر وولي النعم. ومن اجل ذلك فكل صوت لمنافسه، اياً كان، هو مساهمة في وضع عبد الفتاح السيسي علي الطريق الصحيح، بعيد عن طريق الفرعنة الذي سيكون طريق الهلاك بالنسبة له، حتي ينجح في مهمته الصعبة.
لذلك، وبما اننا اقرينا ان نجاح السيسي من نجاح الوطن، فالصوت لحمدين صباحي هو فعلياً صوت يصب في صالح مصر، وهو صوت عالي وواضح ضد اعداء ٣٠ يونيو واعداء الوطن الذين يتربصون لنا جميعاً – سواء كنا مع السيسي او مع حمدين او من المقاطعين – بالفشل، حتي يبرروا محاولاتهم المستمرة لوضعنا جميعاً في خانة الراضيين بالعبودية والقابلين للديكتاتورية، فيجدوا المبرر المعنوي في خطابهم الاعلامي العالمي لوضع اقدامهم مرة اخري كدعاة الديمقراطية الحقيقيين في عتبة الوطن الذي دعسوه ومزقوه وكادوا يحرقوه بغبائهم وتوحشهم وخيانتهم وغدرهم للثورة.

اعلم علم اليقين ان هذا الموقف لن يجني استحسان المزايدين من اليمين او من اليسار، لاننا لم نسب السيسي ولم نسب حمدين، لاننا لم نهتف بحياة الزعيم المنقذ ولا بسقوط حكم العسكر، لاننا لم نشفي غليل من يتربصوا للمرحلة برمتها او لمن يريدون سحق كل الاصوات المعارضة، لاننا لم ننحاز لطرف ولم نمسك العصاة من النصف.
واعلم ايضاً ان الكثير من الثوار الشرفاء تم استفزازهم بشكل كبير من سقطات النظام الحالي علي مستوي الحريات والاعلام، وفقدوا الايمان والامل في المرحلة مما رأوه من اساليب وتجاوزات لا يصح ان نراها في مصر الثورة، سواء علي المستوي الأمني والحقوقي والانساني او علي المستوي الاعلامي من تضليل وتطبيل وتشليق ونشر التسريبات والاشاعات، وغيرها من آليات البروباجندا الرخيصة التي اعتادها التاريخ من المستعمر والمستبد او من العاهرات والغانيات، وليس من اوطان الاحرار والشرفاء.
ولكن في ظل الظروف العامة التي نعيشها والمعطيات التي تحيط بنا، فاصبح علينا جميعاً ان نعي اختياراتنا ونتدراك حجم المسئولية الملقاة علي عاتقنا، لان احياناً يكون النضج السياسي بطولة، ودائماً ما يكون اليأس خيانة. وكما قال الامام علي ابن ابي طالب: لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه. فلتذهب الهتافات للجحيم، مقابل راحة الضمير.

الثورة الحقيقية، الواعية، الناضجة، من اجل العيش والحرية والعدالة والكرامة والهوية المصرية المعتدلة الوسطية، مستمرة وستظل مستمرة – مهما زايد المزايدون، ومهما كره الكارهون.

ولذلك: شكراً لعدلي منصور. ربنا يوفقك يا سيسي. وصوتي لحمدين صباحي.