كثيراً ما تصلنا من الخارج مصطلحات مثل "صراع الحضارات" او "الاسلاموفوبيا" تفيد ارتباط الدين الاسلامي في أعين الغرب بالإرهاب وبعده عن حقوق الإنسان كما اتفق عليها العالم باجمعه من خلال مواثيق او معاهدات دولية تتشرف مصر كدولة بوجود امضائها عليها. نحزن كل الحزن ونتسائل كيف لهم ان يسيؤوا فهمنا لهذه الدرجة، وبأي منطق يلوثون ديننا الحنيف ودولتنا العفيفة بإفترائاتهم عن اغتصابنا المتكرر لحقوق الأقليات والمستضعفين بدائةً من الاقباط الي المرأة وغيرهم، وغالباً ما نصل في النهاية الي ان هذا مخطط صهيوني هدفه هو الفتك بنا كأمة من خلال سلاح الاعلام حتي تتدني صورتنا أمام العالم وشعوبه.
في الواقع هذا المخطط فعلاً موجود وفعلاً يبالغ في الاحداث ولكن اذا دقننا النظر فيه وفي تفاصيله سنجد اننا اصحابه وليس "الآخرين". المستفيدين الاعداء لا يختلقوا الاخبار ولا يألفونها بل هم يستخدمونها ويغلفونها ثم ينشرونها ثم يتراجعون وينتظروا الخبر التالي وهو آت آت واسرع مما يتمنون. مع استمتاعنا كشعب بكثرة الامثلة الشعبية بسخريتها وبلاغتها الفكرية قليلاً ما نستفيد بها للوصول الي اهدافنا. نحن من قالوا " امشي عدل يحتار عدوك فيك" وفي الوقت ذاته نحن من فقدوا كل ادوات " المشي العدل" في حياتنا وقوانينا وتطبيقها. ان من يريد اظهار عيوبنا لا يحتاج الي بحث او تنقيب فنحن نعطيه "بمشينا العوج" مادة كافية يومياً لاصدار مؤلفات لا حصر لها.
احداث كنيسة العمرانية المؤسفة سرعان ما سنغلفها في اطار غلطة محليات وغياب قانون دور العبادة الموحد وسننسي انها جزئ لا يتجزئ من سلسلة الاضطهاد الواضح للأقلية المصرية المسيحية سواء من خلال القوانين ذاتها او من خلال التعسف في تطبيقها. سنري الانبا شنودة ومفتي الديار يتعانقان ويزايد احدهم علي الآخر في عبارات التآخي بينهما وبين امتيهما كالعادة ونعتقد ان هذا سيذيب جليد المؤامرة الصهيونية. سنسمع ونقرأ من مسؤولين واعلاميين علي ضرورة الموضوعية في نقل الاخبار والحديث عنها والتعامل مع الحدث دون استخدام الفاظ مثل الفتنة الوطنية او دون المبالغة ونعتقد ان اصحاب المؤامرة سينهاروا من هذه السياسة الرشيدة الحكيمة العاقلة ومن ثم سيتركوننا بحالنا. الحقيقة المرة التي نصمم علي تجاهلها من منطلق النعام الذي عندما يغرس رأسه بالارض فهو يعتقد ان الخطر لن ينال منه هي انه بظهور وتفاقم تيار الاسلام السياسي الذن نشهده في العقدين الاخيرين اننا نخسر وطنيتنا ونذيب معالم امتنا خطوة بخطوة. اصبحنا نري ما يريدوننا ان نري ونسمع ما يفتون علينا بسماعه ونفهم من القرآن الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام فقط ما يريدون ان نفهمه. وطبعاً من حقنا ان نغضب عندما تصدر دول اوروبية قوانين ضدنا كأجانب بمنع بناء مآزن او بمنع النقاب او الحجاب، وان نمنع نحن في بلدنا بناء كنيسة للمصريين الاقباط اهل البلد.
من وجهة نظر اخري نتعجب عندما يتهموننا باهدار حقوق المرأة في حين اننا مقتنعون اقتناع اعمي بان الاسلام جاء لينقذ المرأة من بطش الرجال ولا نتدارك ان التطبيق الحرفي للشريعة الاسلامية في القرن الواحد والعشرين دون فهم مغزاها في آيات الله الحكيمة ودون محاولة حقيقية لإعادة النظر في مفاهيم مثل تعدد الزوجية وطاعة الزوج وقوانين الميراث هو كله دليل علي اننا خزلنا ديننا واهدرنا رسالته واسأنا فهمه. نعم اذا كان الرجل مستقيم ومتماسك بتعاليم دينه ومتكفل باخواته فهذه الرخص كلها حكيمة ولكن اعطاء الرجل هذه الرخص دون التأكد من انه يفي بشروطها فهو قمة اهدار حقوق المرأة والاستخفاف بآدميتها. وهنا ايضاً نري الدعاة والشيوخ الذين يخاطبون العقل ويظهرون الجانب المحترم والحكيم لشخصية المسلم المعتدل ونعتقد ان عمرو خالد قضي علي صهيون ونستمع الي بعضنا البعض في جلسات الشاي والشيشة عن الفرق بين الاسلام الحقيقي والاسلام الظاهري ونعتقد اننا هكذا اثبتنا عدم فهم الاعداء الفرق ومن ثم بطلان ادعائاتهم.
الحقيقة المخيفة هي اننا اصحاب المؤامرة واننا لسنا بحاجة الي صهيون.
No comments:
Post a Comment