Saturday, November 27, 2010

غداً اهم انتخابات في تاريخ مصر

سمعت من كثيرين هذه العبارة اعلاه التي اخترتها عنواناً لهذا المقال الصغير الحيران المتسائل. مع كثرة من يرددونها تعجبت وانتابني الفضول لكي اتبحث مغزاها او مصدرها حتي لا يفوتني الحدث كالعادة وانا مهمش، مثل الطفل الوحيد الذي لا ينتظر "عدية" او ملابس جديدة في عيد يعم علي الآخرين جميعاً دونه بلا سبب مفهوم.

الترقب والفرحة عادةً ما يقترنا بالجديد او المبهج او علي اقل تقدير المثير فنحن نعد الايام حتي ظهور نتيجة دراسية او بداية اجازة او عيد او يوم مبارة فاصلة في كأس او تصفيات لأن كل هذه المناسبات تعود علينا بفرحة او نترقب ما ستأتي به من غيب نأمل فيه بنجاح او تحسن، او علي الاقل براحة واستمتاع حتي اذا عزمنا السفر الي الشاليه ذاته في القرية ذاتها مع الاقارب والاصدقاء والجيران ذاتهم لقضاء اجازة من القالب قد تبدو مشابهة لعشرات سبقوها.

فأين انتخابات مجلس الشعب من هذه العوامل التي بالقطع شعر بها من يرون اهمية لما سيحدث غداً؟ وبالتحديد حتي نركز جهودنا عند البحث، هل هي الفرحة ام الأمل ام الاثارة؟

اعتقد ان "الفرحة" كما نستشعرها مع قدوم الاعياد لا تحتاج الي تنقيب عميق لكي ندرك انها ساقطة من حساباتنا الا اذا كنا مترقبين لعدية مقابل ادلائنا بصوتنا او ربع خروف مقابل خدمات بلطجة لمرشح مؤمن كريم.

"الامل" هو بدون شك اهم بكثير في حالتنا هذه وهو عامل نبيل لا يجرؤ احد علي الاستخفاف به او المصادرة عليه لأنه اذا تواجد فهو نابع من واقع مرير بحاجة شديدة الي تحسن من حق كل منا الاحساس به، مثلنا مثل الطالب الجامعي الذي أخفق عامً تلو الآخر حتي نفذت فرص الرسوب، فإذا لم ينجح اخيراً فسيفصل نهائياً ويضيع كل امل في تخرجه. ولكن تكرار نفس الاخطاء وتوقع نتائج جديدة هو تعريف للجنون اوعلي اقل تقدير للتغيب عن الواقع. فهو يقرأ في نفس المراجع ويحفظ نفس المواضيع ويتدرب علي نفس المسائل ويتوقع او يأمل في نجاح لم يحققه من قبل. فدعوني اتسائل مجازةً عما اذا كان التفائل هنا شرعي ام من مظاهر هلاوس الامتحانات؟ فالاحزاب وطنية، واللجنة وطنية، والاعلام وطني، والمراقبة وطنية، فمن أين املك المعدي هذا ايها الطالب البليد العنيد الغبي في نتيجة مختلفة؟ (مع اعتزاري الشديد للنية الحسنة التي بدورها "زهقت" من صاحبها).

بهذا نكون وصلنا "للاثارة" كآخر ومضة نور قد تضئ ظلام هذا اللغز المحير. طبعاً هي الاثارة. الناس تستشعر اهمية الغد من احداث يصعب استنتاجها وبذلك تصبح انتخابات مجلس الشعب مثل المباراة المرتقبة اللتي يصعب التكهن بنتيجتها، حتي اذا كنت من خبراء عالم الكرة مثلك مثل ال٨٠ مليون مصري الآخرين. فصاحب اللقب فريقه مخدرم يمتزج فيه عوامل الخبرة والشباب والقوة والمال والسلطة يدربه عزمي ويقوده عز وبيلعب بشعار "موافقون" علي الفانلة وبخطة "الشعب والشرطة في خدمة الوطني" عفواً الوطن طبعاً. اما المنافس الذي يبعث في قلوب البعض منا باشعاعات الاثارة وذبذبات الترقب فهو مزيج غير متناسق غير متجانس، منشق علي نفسه، نصفه مباع ونصفه الآخر مغيب، يقوده بدوي سمسار، ويغيب عنه نجمه المصاب الجريح برادعي، ويلعب دون تشجيع من الشعب الإخواني، بدليل شعار "شرف المشاركة" الموصوم علي الفانلة وعلي الجبين، وخطة "اللي ياكل علي درسه ينفع نفسه" التي تترجم علي ارض الملعب الي كله يدور علي عقد احتراف والله والنبي معكو (وعيسي نبي وموسي نبي وكارت احمر للي ما يصلي عالنبي).

احداث المباراة يا احبائي معروفة وهذا هو الوصف الملخص لمباراة الغد وعلي محبي الاثارة ان يقفوا عند هذه النقطة حتي لا اضيع عليهم الاثارة غداً: سيتقدم الوطني باحراز هدف تلو الآخر يتخللهم لعبتين تلاتة حلوين من خط هجوم الوفد سيسفق له الخصم يتلوهم لعب عنيف من الاخوان سيؤدي الي كروت صفرة وحمرة للركب من اللجان والاعلام وحتي سيسفق لها الوفد في حين سيظهر بعض الآخرين من تجمعيين وناصريين وشعبيين وغديين ومستقلين في صفوف المنافس بظهور مشرف تماشياً مع الفانلة واللي مكتوب عالجبين حتشوفه العين. سيخرج الجمهور اكنك يازيد ما غزيت من المباراة التي ستنتهي نتيجتها ٧ للوطني و ٣ للمنافس بنسبة واحد ونص للوفد واحد للاخوان ونص للآخرين وسيتظلم الشعب الاخواني وتتحسر المحظورة علي الديموقراطية الضائعة في اجتماعها الديكتاتوري القادم في حين سترتفع اسهم شركات سيجما ومحطات الحياة الي ان يزهق عزمي وعز من السمسار بدوي وتصبح مسلسلات دريم الحصرية هي الاكثر شعبية بقدرة قادر مرة اخري.

بعد المباراة سيخرج الموقوفون من جحورهم مرة اخري وترجع برامج اديب وعيسي لمجاريها كأن يادار مادخلك شر وكأن اهم انتخابات في تاريخ مصر قرقيعة بالونة ولا فيها ولا فرحة ولا أمل ولا اثارة لكي نترقب سوياً رأس السنة وشم النسيم وتصفيات بطولة الامم عشان احني شعب جميل وطيب وبيحب يتفائل والسلام.

1 comment:

  1. لا جديد تحت الشمس التى لا تغيب عن قفا الفلاح المصرى والعربى على حدآ سواء والتغيير سيأتى من عند الله سبحانه وتعالى (أتقو الله يجعل لكم مخرجآ( ^-^

    ReplyDelete