اعزائي واحبابي الخبراء الاستراتيجيين المرتعشين
أرجوكم
بكل الحب والمودة ان تكفوا عن تشريفي برسائلهم الحكيمة
وندائاتهم العظيمة علي الفيسبوك والميل والمحمول، وان تتوقفوا عن
محاولات اقناعي عن طريق اتصالاتكم بمساندة احد المرشحين حتي احاول اقناع الآخرين
به، علي اساس انه الاقل شراً من الآخر طبعاً، وعلي اساس ان مقاطعتي تعني
بالضرورة واوتوماتيكياً التصويت للآخر، سبحان الله وله في خلقه شئون.
الغريب
والمضحك في الموضوع، ان الكثير منكم من ذات الأجلاء الذين قالوا نعم في الاستفتاء
حتي تستقر الاوضاع ولكم كل الشكر علي ما ننعم به من أمن واستقرار، ومن ذات
الذين انتخبوا قوائم ومرشحي العدل والوسط بل والحرية والعدالة في
الانتخابات البرلمانية لانكم كنتم ضد الاستقطاب وبحمد الله اتيتوا لنا بهذا
البرلمان المعتدل الوسطي، ومن ذات الذين اعطوا اصواتهم لموسي و ابو الفتوح
في الجولة الاولي تفادياً لمرسي وشفيق وطبعاً هنا اختار التعليق بالصمت.
يعني
بخلاف ان ارائكم السياسية قد تكون فعلاً اعلي من امكانياتي
الذهنية وقدرتي علي الاستيعاب، فانتم اصلاً لا تقتنعوا بما ادعو اليه، ولا
تتبعوا ارائي او تسمعوا ندائاتي التي ادعي انها دائماً عالية وواضحة بل
وصاخبة، وده علي فكرة حقكم تماماً ومن كامل حريتكم. الغريبة بس انكم
النهاردة شايفين انكم محتاجين تقنعوني، ومش قادرين تسكتوا خوفكم خمس دقايق
علشان تسمعوا انا باقول ايه اصلاً. وكمان الغريب انكم مش قادرين تلاحظوا
اني عمري مااخدت قرار بناءً علي خوف او قرار معاكس لمبادئي، علشان تفهموا
ما قد يسمي بمنهجي ومنهج من هم مثلي.
من
اول ال"لا" في استفتاء ١٩ مارس اللي كان الهدف الاساسي منها تفادي هذه
المرحلة الانتقامية الحمقاء الطويلة التي امتعنا بها العسكر والإخوان، الي
النزول المتعدد لميادين التحرير من أجل إسقاط شفيق ثم القبض علي المجرمين
اتباع مبارك ثم وضع مبارك في قفص الاتهام ثم وقف المحاكمات العسكرية
للمدنيين ثم الاعتراض الغاضب المشروع علي قتل الابرياء في ماسبيرو ومحمد
محمود ومجلس الوزرا وبورسعيد، الي التصويت للكتلة المصرية، القائمة الوحيدة
التي انتزعت من عرين الاسد بعض الكراسي في هذا البرلمان والتي نجحت فعلياً
في خلق حائط صد وان كان ضعيف لمنع احتكار التحالف المتأسلم واستحواذه علي
البلاد دون مقاومة، ولولا هؤلاء النواب الاقلاء الذين دخلوا المجلس بفضل
مجهوداتنا في الكتلة المصرية واصوات من صدقونا فما سقطت الجمعية التأسيسية
باستقالتهم وكنا سنفتخر الآن بدستور اخواني بدرجة ١٠٠٪ واهه كله
بالديمقراطية، انتهاءً بمناداتنا بالتصويت لحمدين صباحي علماً منا بانه
المرشح المدني الثوري الوحيد الذي كان سيقبله الجميع ويتراضي عليه جموع
الناخبين اياً كانت تياراتهم او مستواياتهم الاجتماعية.
هذه
هي مواقفي. لم اكن احلم ان ال"لا" ستكون اعلي من النعم وقد كتبت ذلك
مراراً قبل التصويت، ولم اكن اتخيل ان نزولي لميادين مصر كان سيترتب عليه
اعطائي جوائز المحارب الجسور او قلادة الوطني الشريف من حزب الكنبة الذين
لم يفوتوا فرصة واحدة للتقليل من شأن الثوار بل وتحميلهم نتائج لم يكن لهم
اي يد فيها، ولم اعتقد ابداً ان الكتلة المصرية ستسحق الاخوان المتأسلمين
في لعبة الزيت والسكر وخلافه، ولم يكن لدي اي ضمانات لامكانية فوز حمدين
صباحي وان كنت قد كتبت كثيراً انه اكيد فرصه اعلي من موسي وابو الفتوح ولم
يقتنع "الخبراء" وسفهوا مني.
ومع
كل ذلك فقد اتخذت قراراتي دائماً بناءً علي توافق واضح بين ضميري وفكري،
بين قلبي وعقلي، بين مبادئي واهدافي. لما اتخلي يوماً عن مبدأ لصالح مكسب
مهما كانت توقعاتي، ولم افقد يوماً واحداً الرؤيا العامة الواضحة لما
نبتغيه لمصر مقابل استرجاع حق ادبي او عاطفي.
وبناءً
علي كل ما تقدم فانا اكرر لكم طلبي بعدم محاولة اقناعي بعكس ما قررته
فعلياً، وهو ان اضع نفسي من اليوم في خندق معارضة الرئيس القادم بكل الطرق
السلمية، انا انتقص من شرعية هذا الرئيس المنتخب من الآن بكل الطرق
القانونية، ان التزم بمبادئي واعمل من اجلها مع كامل احترامي لرأي
الاغلبية، ان ارفض كلا المرشحين من ناحية المبدأ ولكن دون عنف او حرق او
قطع لطرق.
كما اكرر طلبي
بالكف عن تصوير احمد شفيق علي انه حامي الحريات او الدولة المدنية ومحمد
مرسي علي انه قائد ثوري او هدفه مكافحة نظام مبارك. كلاهما كلاب يا حضرات.
احدهم سيقمع كل من لا يروق له وسيعيد انتاج سياسة الامن الزائف مقابل السمع
والطاعة لذراعه الأمني القذر وسيسترد لرجال اعمال مبارك الفاسدين مكانتهم
علي حساب كل من نادي بالعدالة الاجتماعية. اما الآخر فسيكون اول من يقمع
الحريات مستخدماً تفسيرات جماعته المريضة لديننا الحنيف وسيتسبب تنصيبه في
احتكار هذه الجماعة الدينية علي مقالد امور وطن وشعب لا يقدروا عليهم
بطموحاتهم الساذجة.
انا ارفض كلاهما وصوتي اغلي واشرف من ان اعطيه لاي منهما خوفاً من الآخر. وهذا حقي يا محترمين وتأكدوا انني لن اتخلي عنه ابداً، وتأكدوا
ايضاً ان اصواتكم انتم كافية لانجاح اي منهما كما كانت في المرحلة الاولي.
لست انا من سينجح احدهم لكونه اقل سوءً من الآخر علي حساب مبادئي، التي
ستظل دائماً هي منارتي وموجهتي في كل ما اتخذه من قرارات.
عاشت مصر حرة. ويسقط الاستبداد بكل انواعه.